فصل: فصل في الأطلية المانعة وما يجري مجراها:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: القانون (نسخة منقحة)



.فصل في كسر العثم:

ربما كان الكسر قد جبر لا على واجبه فيحتاج أن يعاد كسره فيجب أن يكون المجبّر يتعرّف حال الدشبذ الذي لجبر العثم وإن كان عظيماً قوياً لم يتعرض لكسره ثانياً فربما لم يمكن أن يكسر من موضع الكسر الأول لشدة الدشبذ فبكسر غيره من الموضع فإن لم يجد بتاً فيجب أن يتقدم فيلين حتى يسترخي الدشبذ ومليّناته هي الأدوية المذكورة في باب الصلابات ههنا مثل: جلد الألية ومثل الألية والتمر ومثل أصناف عكر الأدهان والاهالات والمخاخ ولبوب حب القطن ونحوه ثم يكسر ويجب أن يدام مع ذلك التنطيل بالماء الحار ودخول أبزنة في اليوم مراراً فإن لم ينفع ذلك وكانت التجربة والتحريك يدل على وثاقة شديدة فيجب أن يشرح اللحم بحيث يتمكن من حك الدشبذ من جانب وإدهانه ثم يكسر ويجبر ويعالج بعلاجه وكثيراً ما يمكن أن يعالج كسر العثم من غير كسر بأن يلين الدشبذ بما علم ثم يسوّى بالدفع والجبائر فيتهندم الكسر ويستوي عليه الدشبذ أيضاً ويكفي الكسر وخصوصاً في الأبدان اللينة.

.فصل في أطلية الكسر وما يجري مجراها:

الأطلية منها لمنع الورم وإصلاح الحكة منها لتصليب الدشبذ وتقويته ومنها لتعديل الدشبذ العظيم ومنها لإزالة صلابة المفاصل التي تحدث بعد الجبر ومنها لإزالة استرخاء إن وقع في المفاصل.

.فصل في الأطلية المانعة وما يجري مجراها:

والمصلحة للحكة قد ذكرنا في باب الربط إشارات إلى ما يجب أن تعلم في هذا الباب وذكرنا قيروطيات ونطولات بالشراب العفص ونحو ذلك ونعاود الآن فنقول يجب أن يكون ما تستعمله من القيروطي أو غيره لا خشونة فيه بوجه بل يكون أساس ما يكون وألينه ولا يجب أن يستعمل القيروطيات حيث يخاف العفن ولا حيث تكثر أجزاء الكسر فإن مثل هذا مهيأ لقبول العفن لأن أكثره مع قروح.
فأما المياه الحارة وصبّها فقد تكلمنا عليها وعرفنا أن الفاترة فيها تحليل المواد التي تورث الحكة وجذب المادة الغذائية وقد يحتاج إليها أيضاً إذا كان العضو قد أقحله الشدّ وجففه والمبلغ معلوم.

.فصل في الأطلية لتصليب الدشبذ:

الأشياء النافعة في ذلك هي النطولات القابضة اللطيفة والأضمدة التي تشبهها مثل طبيخ الآس ودهنه إن احتيج إلى دهن ودهن الحناء والطلاء بماء ورق الآس وحبه وطبيخ شجرة القرظ وطبيخ أصل الدردار وطبيخ ورقه فإنه ملحم مصلب والضماد المخذ من الماش خصوصاً إذا جعل معه زعفران ومر وعجن بشراب ريحاني جيد وقشور الطلع جيدة أيضاً.

.فصل في تدبير تعديل الدشبذ:

أما في الأول وما دام طرباً فالقوابض المذكورة فإنها تجمعه وتشده وتصغر حجمه وأما بعد ذلك إذا أفرط وخصوصاً بالقرب من المفصل فلا بد من شق عنه وحك حتى يعتدل وجميع هذا مما قد قيل فيه.

.فصل في الترتيب الجيد والأدوية الملينة لصلابة المفصل:

يجب أن يبدأ فينطل بماء حار ثم يستعمل عليه الأضمدة والمروخات الملينة المتخذة من الألعبة والصموغ والشحوم والأدهان وإن جعل فيها خل حاذق كان أغوص.
ومما يقرب استعماله التمر والألية والشيرج فإنه ضماد جيد خفيف وأيضاً طحين حبّ الخروع ويخلط بمثل نصفه سمناً ومثل ريعه عسلاً وربما كفى قيروطي من دهن السوسن وحده وقد يستعان بجميع الملينات المذكورة في باب سقيروس.
وإذا أحسست باستحالة مراج إلى البرد فزد فيها مثل الجندبيدستر والسكبينج والجاوشير.
دواء جيد: يؤخذ دردي دهن الكتان ودردي الشيرج وحلبة مطبوخة في اللبن وإهال الألية ويستعمل.
دواء جيد: تؤخذ أصول الخطمي وأصول قثاء الحمار ومقل وأشق وجاوشير يحل بالخلّ الثقيف ويطلى والمرهم العاجي جيد.
دواء جيد: تؤخذ لعابات الحلبة وبزر الكتان ولعاب قثاء الحمار وأشق ولاذن وزوفا رطب ودهن سوسن وشحم بط ومقل لين وبارزد خالص ومخ العجل يحلّ في الدهن ويتخذ مرهم.
آخر قوي: يؤخذ زيت عتيق رطلين دهن السوسن نصف رطل ميعة سائلة ربع رطل شمع أصفر نصف رطل علك البطم أوقيتين فربيون أوقيتين مخ عظام الأيل أربع أواق يتخذ مرهم.
صفة مرهم: جيد لصلابة المفاصل التي أورثها الجبر يؤخذ أشق جزء مقل اليهود نصف جزء ولاذن نصف جزء دهن الحنا شحم البط من كل واحد ربع جزء تذاب الصموغ ويجمع الجميع.
مرهم جيد: يؤخذ أشق ستة وثلاثين مثقالاً ومثله شمع أصفر صمغ البطم مقل قنة من كل واحد ثمان أواق دهن الحناء أربع أواق تسحق الصموغ مدوفة في الخل ثم تجمع في هاون ممسوح بدهن السوسن وكذلك دستجة والتعقد الذي يعرض كالغدة حيث كان وقد ذكرنا في بابه تستعمل المراهم التي ذكرناها الآن وإلا استعمل الجندييدستر والقسط وخرء الحمام والخردل ضماداً فهو غاية.
ملين جيد: يؤخذ عكر دهن السوسن أوقية ومن عكر البزر أوقية ومن الميعة السائلة والقنة والجاوشير والأشق من كل واحد نصف أوقية مقل لين أوقية شحم الدب أو البط أو الدجاج أو الخنزير.

.فصل في المقويات للاسترخاء:

الاعتماد في معالجته على القوابض اللطيفة مثل الأبهل والسرو ونحوه أو على القوابض الكثيفة وقد خلط بها مثل الزعفران والمر والدارصيني والراسن جيد جداً وخصوصاً إذا طبخ معه الوج ورماد الكرم مع شحم عتيق وقشور الطلع وجميع ما قيل في تصليب الدشبذ.

.فصل في استعمال الماء الحار والدهن:

اعلم أن الماء الحار والدهن لا يصلحان عند الجبر لأنهما يمنعان الجبر لكن يصلحان قبله فإنهما معدان للانجبار ويصلحان بعده لأنهما يحللان ما يبقى من الورم والَصلابة والدشبذ واليبس الذي تورثه الرباطات في الأعصاب فتكون الحركة معها غير سهلة لماذا استعملت الماء الحار والأدهان والشحوم والمخاخ تداركت تلك الآفات وأما ما بين ذلك فإن الماء والدهن مانع جداً عن الالتحام وربما استعملا في الأطفال ومن يقرب منهم لا غير إذا كانت الضمّادات قد جفت عليهم وأوجعتهم فيحتاج حينئذ أن يدهن الموضع الذي وجع ثم يرفد ويجبر وأما عند سكون الوجع فلا رخصة في ذلك والأطباء ربما استعملوا نطولاً من الماء الحار عند حلهم الربط الأول يلتمسون منفعة وهو أن يجذبوا إليه المادة وينبغي أن يكون ذلك الماء بحيث يقع عند العليل أنه معتدل فإن الحار جداً ربما حلل من البدن النقي فوق ما يجذب وخصوصاً إذا طال زمان صبّه وجذب من البدن الممتلىء فوق ما يجب وخصوصاً إن قصر زمانه بل يجب أن يكون الماء مع حرارته إلى اعتدال ويكون زمان صبه على مقادر ما يري من ربو العضو وانتفاخه ولا يصب حين ما يأخذ في الضمور وقد ذكرنا من أحكام التنطيل في باب الخلع ما يجب أن يتأمل أيضاً ههنا والأحب إلي إذا لم يكن هناك وجع أن لا تقرب للعضو دهناً ولا ماء حاراً البتة إلا ما تقدّمه في أول الأمر للاحتياط ومما يجعل على المفاصل التي صلبت بعد الجبر على الوثي والرض التمر والألية ضماداً.

.فصل في تغذية المجبور وسقيه:

يجب أن يكون غذاؤه مما يولد دماً ثخيناً وليس ثخيناً يابساً بل ثخيناً لزجاَ ليتولد منه دشبذ لدن قوي ليس بيابس ضعيف فينكسر وذلك مثل الأكارع والهريسة والبطون والرؤوس وجلد الجداء والحمل المطبوخ ونحو ذلك والشراب الغليظ القابض ومن البقل الشاهبلوط وكذلك اللبوب التي لا حدة فيها ويجتنب كل ما يرقق الدم ويسخنه ويبعده عن الانعقاد مثل الشراب الرقيق والأشياء المتوبلة جداً وبالجملة تدبيره التغليظ للدم إلا أن يكون هناك مانع عن جراحة تقتضي تلطيف الغذاء حسب ما يكون عليه من عظمه أو صغره وعند خوف الألم وأما إذا أمن ذلك فليتوسع في الغذاء وفي الشراب ومن أحبّ الاحتياط بدأ بالتدبير الملطف كالفراريج والدجاج ليأمن غائلة الورم وذلك كما أنه قد يحتاج أيضاً إلى أن يفصد ويسهل ثم بعد أيام قلائل يستعمله وعلى أنه قد يحتاج أيضاً أن يترك هذا التدبير إذا أفرط الدشبذ في العظم واحتيج إلى منعه.

.فصل في صفة لون موافق له تستعمله وقت الانعقاد:

يؤخذ خبز سميد ودقيق أرز وشحم البقر السمين ولبن فيتخذ هريسة يجود ضربها.
وأما دواؤه الذي يتناوله للجبر فالمومياء عجيب في الإشارة الإشارة إلى الأمور التي تتبع الكسر والجبر ولا بد من تداركها وقد يعرض من الكسر انهتاك لحم لا يتلصق وإن لم يقطع تعفن وعفن ما يليه من العظم فيحتاج أن يقطع ويكوى وقد يعرض النزف فيحتاج أن يمنع وقد يعرض فسخ ورض قوي للحم إن لم يعالج بشرط أو بالأدوية المانعة للعفن صار إلى الآكلة فيجب أن يراعى ذلك وقد يعرض ورم حار فيه مخاطرة فيجب أن تدبر تدبيره وقد تعرض جراحات تحتاج أن تعالج أيضاً بما مرّ ذكره وقد يعرض دشبذ مفرط في الكسر لا حاجة إلى قدره فيجب أن تقلل الغذاء وتمنع تولده بمنع الغذاء والشد عليه وبسائر ما قيل وقد يعرض استرخاء للفاصل من المدّ وقد يعرض أن يسيل صديد إلى المخ متولد في العظم فيحتاج أن يخرج العظم ويكشف الطريق للصديد.

.المقالة الثالثة: كسر عضو عضو:

.فصل في كسر القِحف:

كثيراً ما يعرض أن ينكسر القحف ولا ينشقّ الجلد بل يتورّم فإذا اشتغل بعلاج الورم ولم يتعرض للشجة فربما عرض أن يفسد العظم من تحت وتعرض قبل البرء أو بعده أمراض رديئة من الحمّيات والرعشة وذهاب العقل وغير ذلك فيحتاج إلى أن يشق وكثيراَ ما يدل على موضعه من العليل بعبثه به ومسه إياه كل وقت وحينئذ فلا يكون بد من رد الجراحة إلى حالها ليعالج الكسر يجب أن يشق عن الجلد بقدر ما لا يحتبس فيه الصديد في هذا وفي غيره كيف كان فإنه يِجب أن لا يكون محتبس الصديد اللهم إلا أن تكون أمنت ازدياد الورم ووجدت الورم ينقص.
وإن كان الشق في الجلد قليلاً إنما يحاذي كسراَ واحداً من عدهَ كسور أو كان الورم انفجر وأظهر كسراً واحداً فقد يعرض من ذلك الغلط الكثير فإنه يظن أن لا كسر إلا ذلك ولهذا ما يجب أن تتأمل حال الكسر تأملاً جيداً ومما يمال بالحدس فيه إلى الصواب أن يتأمل سبب الكسر ومبلغ قوة الكاسر في ثقله أو في عظمه أو في قوته فتعلم بذلك مبلغ ما يجب أن يكون وكذلك الأعراض قد تدل على ذلك مثل السكتة والسدر وبطلان الصوت وما أشبه ذلك وقد يدل انشقاق الجلد في كثرته واختلافه أو في وقوعه على سمت واحد على حال الكسر أيضاً على أن هذا ليس بدليل يدل من كل جهة فإنه ربما كان الكسر الباطن كثيراَ وعظيماً ولم يكن على الجلد شقّ أو كان شق فيحتاج حينئذ ضرورة إلى أن يتعرّف الحال بالدلالة التي تفتش بها عن الكسر بتمكين البصر إن أمكن وفي مثل هذه الأحوال يحتاج إلى أن نشرّح الجلد صليبياً ويكشط حتى يظهو العظم المهشم كله وإن عرض نزف حشوت الكشط بخرق يابسة ثم رفدت برفائد مغموسة في شراب وتتركه إلى الغد.
وأما الشجاج إلى حدّ الموضحة فعلاجها ما قد ذكر في باب القروح وقبله.
وأما الهاشمة والمنقلة ونحوها فما نذكره هنا.
وأقلّ أحوال كسر العظام في الرأس أن يحدث فيها صدع قشري غير نافذ إلى الجانب الآخر بل يقف عند بعض التجاريب ومثل هذا يكون كالخفي عن الحس وكأنه شعرة ومثل هذا فالأصوب أيضاً أن يحكه إلى أن لا يبقى من الصدع شيء وإن احتلت أن تستظهر تصبّ رطوبة سوداوية حتى يشتد ظهور الصدع بها فعلت وحككت حتى لا يبقى الأثر ويكون عندك محال مختلفة الأقدار فتستعمل أولاً أعرضها ثم ما يليه وإذا حككت استعملت الدواء الرأسي وقد كفاك والأدوية الرأسية هي: مثل الإيرسا ودقيق الكرسنة ودقاق الكندر والزراوند وقشور أصل الجاوشير والمرّ والأنرزوت ودم ا لأخوين وكل مجفف بلا لذع يعالج بعلاج القروح.
فأما إن حدست أن الصدع نافذ إلى الجانب الآخر فإن الحك لا يفنيه إلا بالتنقية فإياك والإمعان في الحك بل قف حيث انتهيت وتعرف حال الحجاب هل هو حافظ لوضعه من العظم فتكون الآفة أقل والأمن أظهر وتكون عروض الورم أقل وأسلم وأصغر وظهور القيح النضيج أسرع وأكمل أو قد أبانته الصدمة عن العظم فذلك مما فيه الخطر كثر والأوجاع والحمّيات وما يتلوها أكثر وقبول العظم لتغير اللون أسرع وسيلان القيح الصديدي الرقيق فيه أكثر ومما يعرض من الأرجاع والحميات والتمدد والعُشي وذهاب العقل بسبب الإهمال للعلاج فيه أكثر.
وفي مثل هذه الحال بل في كل حال يجب أن يتوقى البرد توقية شديدة ولو في الصيف فإن فيه خطراً عظيماً.
وأما الصادعة التي ليس فيها إلا صدع ولكنه كبير يظهر معه السمحاق فكثيراً ما يكفي الشدّ والرباط وكذلك الضمّادات بالمبرّدات ولكن الأصوب أن يبدأ ويصب على الشق دهن الورد مفتراً ثم يجمع بين طرفي الجراحة ويخيطهما إن احتيج إليه ويذرّ عليه الذرور الراسبي ويجعل فوقها خرقة كتان مبلولة ببياض البيض وفوقها رفائد مشرّبة شراباً قابضاً مضروباً بزيت ثم سائر الرباطات وليسكن العلل وليرفه ولينوّم وليفصد إن احتيج إليه ولا تطلب في كل صدع وكسر أن تأخذ العظم كله فإن هذا لا يمكن في كل موضع ولكن تذكر ما أوصينا به في الباب الكلي من الكسر والجبر على أن كثيراً من الناس أخذ العظم من رؤوسهم قطعاً وعلى وجه آخر ونبت اللحم والجلد على الشجة فعاشوا.
وأما الهاشمة وما بعدها فاعلم أن عظام الرأس تخالف عظاماً أخرى إذا انكسرت فإنها إذا انكسرت لم تجر الطبيعة عليها دشبذاً قوياً كما تجريه وتثبته على سائر العظام بل شيئاً ضعيفاً فلذلك ولكي لا ينصبّ القيح إلى باطن يجب أن تخرج إن كانت الشجة تامة أو تقطع إن لم تكن تامة ولا يشتغل بجبرها ويجب أن لا يدافع بذلك في الصيف فوق سبعة أيام وفي الشتاء فوق عشرة أيام وكلما كان أسرع فهو أجود وأبعد من أن تعرض الآفات العظيمة ومما يستدعي إلى ذلك ويوجبه أن العظام الأخر غير عظم الرأس قد يصرف عنها الربط المواد وهذا الربط لا يمكن على الرأس فكذلك لا بد من أخذ العظم في الكسر الذي له قدر حتى يخرج الصديد كما يحتاج إليه وأيضاً لو عرض صديد في داخل عظم مجبور مربوط بالربط العاصر الدافع للمادة وقد كان تولّد ذلك الصديد من نفس الموضع ونفذ إلى المخ احتجنا إلى الكشف والتنقية فكيف في مثل هذا العضو فلا بد إذن من هذا اللقط أو القطع ومن كشف الموضع ومنع التحامه إلى أن يأمن ولولا خوف سيلان الصديد إلى داخل ما قطعنا العظم ويجب أن يكون القطع من الموضع الأوفق والأوفق هو الجامع للمحاذاة التي يحدس إن الصديد يسيل منه أجود وبسهولة القطع وقلة الحاجة إلى الهز والتعنية والذي هو مع ذلك أبعد موضع بين العصب مثل اليافوخ فإن وسطه لا يلاقي منبت الأعصاب.
واجتهد أن لا يصيب الحجاب برد فإنه رديء وخطر ولطف التدبير وأدمن صب الدهن المفتر.
وإن ظهر على الحجاب سواد فربما كان في ظاهره ولم يكن ضاراً وربما كان سببه الأدوية فيعالج بعسل مضرب بثلاثة أمثاله دهن الورد حتى يذهب السواد وذرّ عليه الدواء الراسبي وإن كان السواد متمكناً فاهرب، فإذا صحت الحاجة إلى قشر شيء وقطعه وإخراجه فلتبادر ولا تنتظر استكمال تولد القيح في الموضع فإن هذا إنما يتحمل حيث لا يكون الغشاء المسمى بالأم مضغوطاً أو منخوساً فإن النخس يوجب في الحال ورماً وتشنجاً وربما أدى إلى السكتة فيجب أن يخرج ذلك العظم في الحال فيعود الحس إن كانت سكتة في الحال.
وأما إن كان ثقب فالأمر أشذ استعجالاً وإذا انكسر القحف وبرز الحجاب وورم سمي ذلك فطرة فعليك فيما ذكرناه بمثل هذا الاستعجال وإن كان لا بدّ من انتظار فإلى يومين أو ثلاثة وفي أكثر الأمر يجب أن يعالج في الثاني والقطع قد يكون بالمنشار اللطَيف المذكور وقد يكون بأن يثقب ثقب صغار متتالية بحيث يجب أن يسقط منه على أن فيه خطراَ فإنه ربما نفذ دفعة إلى الغشاء اللهم إلا أن يكون احتيل بالحيلة التي ذكرنا فيكون أسلم.
وأما كيفية هنا العلاج فلنذكر في ذلك ما قاله الأولون قالوا: ينبغي أن يحلق أولاً رأس المشجوج ويصير فيه شقين متقاطعين على زوايا قائمة ويقطع أحدهما الآخر بشكل صليب وينبغي أن يكون أحد الشقين الشق الأول الذي كان من الضربة ثم ينبغي أن يسلخ ما تحت الزوايا الأربع لينكشف العظم كله النيى تريد تقويره فإن عرض من ذلك نزف دم فينبغي أن تحشوها بخرقة مغموسة في ماء وخل وإلا فاحشها بخرق يابسة ثم صير عليها رفادة مغموسة في شراب وزيت ويستعمل الرباط الذي يصلح ذلك حتى إذا كان الغد إن لم يحدث شيء من الأعراض الرديئة فينبغي أن تأخذ في تقوير العظم المكسور وذلك أنه ينبغي أن يجلس العليل أو تأمره أن يستلقي على الشكل الذي يصلح للكسر.
ثم يسذ أذنيه بصوف أو بقطن لئلا يتأذّى من صوت الضرب يحل رباط الجراح وينزع جميع الخرق منه ويمسحه ثم يأمر خادمين أن يضبطا بخرق رقيقة أربع زوايا! الجلد الذي قد شق ويمددها إلى فوق أعني الجلد الذي يكون على العظم المكسور.
وإن كان العظم ضعيفاً من طبعه أو من الكسر الذي عرض له فينبغي أن ينزعه بمقاطع بعض بحذاء بعض ويبتدىء من أعرض ما يكون منها ثم يستبدل منها المقاطع الرقيقة ثم يصير إلى الشعرية ويستعمل الرفق في النقر والضرب لئلا يؤذي الرأس ويقلعه وإن كان العظم قوياً ينبغي أولاً أن يثقب بالمثاقب التي تسمى غير غائبة وهي مثاقب يكون لها نتوء قليل داخلاً من المواضع الحادة منها ليمنعا ذلك النتوء من أن يغوص فيصل إلى الصفاق حتى يقوّر بها العظم المصدوع فيقلعه لا بمرة بل قليلاً قليلاً فإن أمكنه أن يقلعه بالأصابع فذاك وإلا فبمنقاش أو كلبتين أو نحو ذلك.
وينبغي أن يكون بين الثقب فروج قدر مِرْوَد حتى يصير قريباً من سطح العظم الداخل وينبغي أن يتقي أن يمسّ المثقب شيئاً من الصفاق ولهذا ينبغي أن يكون المثقب قدر ثخن العظم وأن يستعمل في ذلك مثاقب كثيرة فإن كان الكسر إنما هو في موضع انثناء العظام فقط فينبغي أن يصير التفات إلى ذلد الانثناء فقط حتى إذا قورنا العظم فينبغي أن يسوى خشونة عظم الرأس الذي يكون من القطع والتقوير أما بمِجْرَد وأما بشيء من المقاطع التي تشبه الشفرة بعد أن يضع من تحت الآلة التي تستر الصفاق وتحفظه.
وإن بقي شيء من العظام الصغار أو الشظايا فينبغي أن يؤخذ برفق ثم يصير إلى العلاج وقال قي جالينوس: إذا أنت كشفت جزءاً من عظم الرأس فصيّر تحته مقطعاً يكون الجزء الذي يشبه العدسة في آخره ثابتاً كالأملس ويكون الحاد في الطول حتى يكون العرض العدسي مستديراً على الصفاق وينبغي أن يضرب من أعلاه بالمطرقه الصغيرة ويقطع عظم الرأس فإنا إذا فعلنا ذلك كان منه جميع ما نحتاج إليه وذلك أن الصفاق لا يخرج حينئذ ولا إن كان المعالج ناعسماً لأن الصفاق يستقبل الجانب العريض من الآلة العدسية وإن صارت هذه الآلة إلى عظم الرأس فانها تقلعه من غير أذى وذلك أن أجزاء الشكل العدسي المستدير يهدي المقطع من خلف فيقطع عظم الرأس وليس يمكن أن يوجد نوع آخر لقلع هذا العظم أسهل ولا أسرع فعلاً من هذا.
النوع.
وأما العلاج الذي يكون بالمناشير والآلات التي تسمى جويتعدس، فإن الحدث قد ذمره لرداءته فهذا قولنا في علاج عظم الرأس إذا عرض له شقّ ويصلح هذا العلاج بعينة في سائر أنواع الكسر الذي يعرض لعظم الرأس وإن كنا إنما ذكرنا علاج الشق فصيرناه مثلاً لغيره.
قال فولس الاحتياطي وجالينوس أيضاً يعلمنا كمية العظم الذي ينبغي أن يقًطع وهذا قوله أما ما ينبغي أن يقطع من العظم العليل فإن ما كان منه قد تفتّت تفتتاً شديداً فإنه ينبغي أن ينزع كله وأما ما كان ممتداً منه شقوق امتداداً كثيراً فإن ذلك ربما عرض فلا ينبغي حينئذ أن تتبع الشقوق إلى آخرها وأن تعلم أنه لا يحدث بهذا السبب شيء ضار إذا كانت سائر الأفعال التي ينبغي أن تفعل على ما ينبغي ثم ينبغي بعد العلاج بالحديد أن يؤخذ خرقة كتان مبسوطة قدر عظم الجرح وتغمس في دهن الورد ويغطى بها فم الجرح ثم تأخذ خرقة مثنية أو مثلثة ونغمسها في الشراب ودهن الورد ويلطخ الجرح كله بدهن الورد ثم توضع الخرقة عليه بأخف مايكون لئلا يثقل الصفاق ثم يستعمل من فوق رباطاً عريضاً.
ولا تشدّه إلا بقدر ما تمسك الخرق فقط ثم تستعمل التدبير الذي يسكّن الالتهاب ويذهب الحمى ويرطّب الحجاب من فوق بدهن الورد في كل حين وتحلّه في اليوم الثالث وتمسحه وتعالجه بالعلاج الذي ينبت اللحم ويسكن الالتهاب ويدز على الصفاق ذرورا جمن الأدوية اليابسة التي تسمى أدوية الرأس حتى ينبت اللحم في بعض الأوقات على العظم إن احتجنا إلى ذلك إذا كانت عظاماً نابتة أو لينبت اللحم سريعاً ويعالجهم بسائر الأدوية التي ذكرناها في علاج الجراحات.
وقال بولس: إنه كثيراً ما يعرض لصفاق الرأس بعد العلاج بالحديد ورم حار حتى إنه يعلو ثخن عظم الرأس وثخن الجلد أيضاً ويكون مع ذلك جساوة تمنع حركة الطبيعة وكثيراً ما يعرض لهؤلاء امتداد وأعراض أخرى رديئة ويتبع هذه الأشياء الموت.
وإنما يعرض الورم الحار للصفاق: إما لعظم ناتىء ينخسه وإما لثقل الفتائل وإما لبرد أو كثرة طعام أو كثرة شراب أو لعلة أخرى خفية.
فإن كان الورم الحار من علة بينة فينبغي أن تحسم تلك العلة سريعاً وإن كان من علة خفية فاجتهد في إزالتها.
واستعمل فصد العرق إن لم يكن شيء يمنع من ذلك وإلا فالإقلال من الطعام أو التدبير الذي يصلح للأورام الحارة مثل: التنطيل بدهن الورد الحار أو بماء قد أغلي فيه خطمي وحلبة وبزر كتان وبابونج واستعمل الضمّاد المتخذ بدقيق الشعير والماء الحار والدهن وبزر الكتان واستعمل شحم الدجاج في صوفة ورطب بها الرأس والعنق والفقار وقطر في الأذنين شيئاً من الأدهان التي تسكن الحرارة وأجلس العليل في ماء حار في بيت وامرخه فإذا داوم الورم الحار ولم يكن شيء مانع من أخذ دواء مسهّل مره بفعل ذلك فإن أبقراط أمر به قال بولس: فإن اسود الصفاق وكان السواد في سطحه وكان ذلك أيضاً من دواء عولج به فإن الدواء الأسود ربما فعل ذلك فينبغي أن يؤخذ من العسل جزء ومن دهن الورد ثلاثة أجزاء ويخلط ويلطخ بها خرقة وتوضع على الصفاق فإن حدث في الصفاق السواد من ذاته وكان واصلاً إلى العمق سيما إن كان ذلك مع علامات أخرى رديئة فينبغي أن تيأس من سلامة هذا العليل لأنه دليل على فناء الحرارة الغريزية وذهابها.
وقد رأيت من أصابه كسر في رأسه فقوّر عظم رأسه بعد سنة فصح وذلك أن الكسر كان في اليافوخ وكان من رمية سهم وكان له مسيل ولهذا لم يصب الصفاق شيء بل سلم من الفساد.
قال جالينوس: عرض علي إنسان قد انكسر يافوخه أيضاً عظم الصاع كسراً ممتداً فتركت الكسر عليه بحاله إلا شيئاً من عظم اليافوخ وقطعته للغرض المعلوم وكان ذلك كافياً وقد عوفي الرجل.